وادي العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وادي العرب

وادي العرب
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الساعة........

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد

احمد


ذكر
عدد الرسائل : 113
العمر : 33
الموقع : https://wadyel3arab.yoo7.com/
العمل/الترفيه : طالب
تاريخ التسجيل : 12/07/2008

الساعة........ Empty
مُساهمةموضوع: الساعة........   الساعة........ I_icon_minitimeالإثنين يوليو 14, 2008 12:45 pm

إنها الآن الواحدة صباحاً، ما الذى وضعنى فى هذا الموقف؟ … بعيداً عن بلدتى أجوب شوارع القاهرة بلا هدف … يحيطنى اليأس من كل مكان … حتى وجوه الناس التى تمر أمامى الآن تعلوها قسمات لم اعتدها على أوجه المصريين ... يبدو أن القاهرة لم تعد ترحب بزائريها هذه الأيام ... فقد فقدت حافظة نقودى فى اللحظات الأولى التى صافحت عينى فيها سماء القاهرة ... ومن بين ما فقدت الورقة المدون بها عنوان خالى الجديد ورقم هاتفه ... وبذلك أصبحت حبيس شوارع القاهرة... أصبحت القاهرة أكثر ازدحاما مما سبق ... الضوضاء فى كل مكان حتى بعد أن تجاوزت الساعة الواحدة صباحاً ... ألا ينام أهل القاهرة أبداً ... قررت الاتصال بمنزلى كى أحصل مرة أخرى على رقم هاتف خالى عله يخرجنى من هذا المأزق ... لكن عامل مكتب الاتصالات رفض بتهذيب شديد مغلف بحدة وحزم لأننى لا أملك نقوداً للاتصال ... ذهبت مشياً إلى المنطقة التى يسكن بها خالى من خلال ما بقى فى الذاكرة من الورقة المسروقة ... كانت بعيدة ولكننى احتملت آلام السير علنى أجد الفرج فى النهاية ... حينما وصلت إلى الحى اكتشفت أنه أكبر من قريتى كلها عدة مرات تذكرت والدى المريض وهو يرجونى ألا أذهب إلى القاهرة وأتركه وحيداً مع ابنى الصغير ... كانت رحلتى إلى القاهرة هى الأمل الوحيد لتدبير مبلغ ولو بسيط لشراء دواء لأبى وطعام لأبنى ... ولكن النتيجة أننى الآن لا أملك عنوان خالى أو رقم هاتفه، لا أملك نقوداً للعودة ولا أدرى ماذا أفعل؟ ... الساعة ... إنها الآن الثانية صباحاً ... الساعة ... نعم هى الحل الوحيد الآن ... لكنها من نوع رديء ولا تساوى شيئاً ... لا شكراً ... لا أتعامل فى هذا النوع ... لا تصلح للبيع ... عفواً ... كلمات عدة تحمل نفس المعنى كما لو أن كل أصحاب محال الساعات تآمروا على حالتى ... بقيت الساعة فى يدى وعقاربها تتقافز فى سرعة كأنها تخرج لى لسانها ... قررت أن أبيعها للمارة ولو بثمن بخس ... صوت أبى يملئ أذنى يا بنى لا تسافر ... قسمات وجهه تتألم فى صمت تحفزنى أكثر كى أسافر ... صغيرى وهو يتضرع أن أصحبه معى ... دموعه تملئ عينيه ... المارة لا يكترثون لندائى ... أنين أبى ... بكاء طفلى ... صوت عقارب الساعة ... خطوات الناس على الطرقات ... نظرات شفقة لا احتملها ... نظرات تعاطف لا تجدى ... ابتسامات هازئة تقتلنى ... حتى هؤلاء الطيبين الذين أرادوا مساعدتى كانت نظراتهم تشك فكانت مساعدتهم مجرد كلمات مواساة ... هل مازال طفلى يبكى ... هل بكائه الآن من الجوع أم لرغبته فى مصاحبتى ... الجميع يرفض شراء الساعة ...أو ربما لايملك أحد ثمنها الزهيد ... فلأعبر إلى الجهة الأخرى من الطريق ربما كان المارة هناك أفضل من هنا ... أبواق السيارات المسرعة جعلتنى أتراجع ... أصوات شباب ضاحكة تعلو ... هل أجد بينهم مشترى ... هرولت إليهم ... كانت رائحة الخمر تفوح من أفواههم لكننى كنت أفكر فقط فى نقود العودة ... هل من مشترى لهذه الساعة ... الساعة ؟ هاهاهاها ... الساعة كام على باب السيما الساعة كام ... أرجوكم لا تسخروا منى أنا فى حاجة لثمنها ... لماذا هل منعتك أمك المصروف اليوم ... ضحكاتهم تعلو ومعها ضغط دمى ... توجهت نحو أحدهم ... من فضلك اشترى هذه الساعة ... تلتهب نظرات السخرية فى عيونهم ... تلتهب أعصابى ... لكننى أحاول مجدداً ... إنها رخيصة ولن تكلفكم الكثير ... هيا اذهب من هنا، تباً لكم أيها النصابون هكذا قال أضخمهم وهو يدفعنى بعيداً ... كانت يده قوية ... لم أتمالك نفسى ... أندفع إلى الوراء ... حافة الرصيف تهرب من تحتى ... أسقط أرضاً وأنا أبكى من داخلى ... أبى كيف أنت الآن ... أحاول أن أتشبث بأى شيء ... طفلى هل أكلت أم لا ... ارتطمت بالأرض ... يا بنى لا تسافر ... تطير الساعة من يدى ... أراقبها وهى تعلو ... ثمن الدواء غالى ولا أملك النقود ... الساعة تهبط بسرعة إلى الأرض ... نفد الطعام من البيت وصغيرى لا يصبر على الجوع ... ترتطم الساعة بالأرض ... بكاء طفلى يحتل أذنى ... تتناثر الساعة قطعاً صغيرة أمام عينى ... أنين أبى يعلو ... تمر سيارة مسرعة فوق الباقى من قطع الساعة.
كان اليأس يمزق قلبى ... جلست على حافة الرصيف واضعاً رأسى بين كفى ... رغم عنى انهمرت دموعى فى صمت ... يد تربت على كتفى ... وجه مبتسم يملئه النور ... كان شاباً هادئ القسمات ... سألنى عن قصتى وأجبته ... دعانى للعشاء وصاحبنى حتى محطة القطار ... حينما صافحته لأودعه وأشكره دس فى يدى ورقة مالية من فئة كبيرة ... حاولت أن أشكره على الأقل ... ابتسم وانصرف ... عائداً الآن إلى بيتى مع نسمات الفجر ... فى يدى دواء أبى وطعام ولدى ... بداخلى قرار أن أرد الجميل ... لكننى لا أعرفه ولا أعرف عنوانه ... لكن يمكننى رد الجميل بمساعدة الآخرين فى مواقف المحنة قدر استطاعتى ... طفلى ينتظر فى الشباك ما أن رآنى حتى هرول إلى مبتسماً ... ارتمى فى أحضانى ... حملته إلى الدار ... صوت أبى يدعو لى بعد أن صلى الفجر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wadyel3arab.yoo7.com/
 
الساعة........
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وادي العرب :: وادي القصة والرواية-
انتقل الى: